مشكلة الملكية وتأثيرها على وسائل الإعلام
مشكلة الملكية وتأثيرها على وسائل الإعلام
إعداد: نفيسة صلاح الدين 1. أنماط ملكية وسائل الإعلام
تتعدد هذه الأنماط وتتباين باختلاف الجهة أو المؤسسة أو الافراد المالكون لهذه الوسائل، ومن أمثلة ذلك:
أ. ملكية الدولة State Ownership
• ملكية مباشرة للدولة، بحيث تكون هذه الوسيلة أو تلك مملوكة للدولة، وتسيطر الحكومة عليها تماما. فالحكومة هي التي تدير وتعين الإداريين والإعلاميين والفنيين، وتحدد السياسة التحريرية، وكل ذلك قد يتم عن طريق وزير الإعلام، أو رئيس الوسيلة الذي تعينه الحكومة والنموذج الأبرز على ذلك ملكية الدولة لوسائل الاعلام في الصين، حيث نجد ان الحكومة تتحكم بشكل مباشر في المحتوى الإعلامي.
• ملكية غير مباشرة، هنا تكون الملكية للدولة ممثلة في هيئة غير حكومية، كأن تكون هيئة منتخبة مثل مجلس الشورى المصري (قبل الغاءه في دستور2013) الذى كان يتولي الإشراف على الصحف القومية. وفي هذه الحالة تتدخل الحكومة بشكل غير مباشر في تحديد السياسات التحريرية، فهي التي تحدد تعيينات الإدارة العليا، وإن كان ذلك غير معلن، وفي هذه الحالة تكون للوسيلة ميزانيتها وكينونتها الخاصة وشخصيتها الإعتبارية القانونية المستقلة.
• الخدمة العامة، بحيث تكون الملكية للدولة، ولكن الوسيلة مستقلة عن النظام السياسي، مثل نموذج مؤسسة الخدمة العامة الـ "بي بي سي BBC" في بريطانيا، التي لديها درجة من الاستقلال عن الدولة تحميها من التحكم السياسي المباشر.
ب. ملكية خاصة Private Ownership
يقصد بهذا النمط من الملكية أن تكون الوسيلة الإعلامية مملوكة لفرد أو لأفراد مباشرة أو عن طريق أسهم" مثل روبرت مردوخ الذي يمتلك نسبة كبيرة من شركة News Corporation وهي ثاني أكبر مجموعة إعلامية عبر العالم، وهي تنشر كتب وتنتج أفلام وتصدر مجلات وتبث محطات فضائية وتنتج برامج تلفزيونية الي جانب العديد من الأنشطة الإعلامية الأخرى. ورغم أن الإعلام الخاص هو النمط السائد في الدول الغربية وتحكمه قواعد تفصل بين الإدارة والتحرير، فأن ذلك لا يعني غياب أي تأثير لرأس المال والتوازنات السياسية على كثير من الوسائل الإعلامية
ج. ملكية حزبية Partly Ownership
يقصد بهذا النمط أن تكون الوسيلة الإعلامية مملوكة لحزب سياسي، وتعبر عن
فكر سياسي معين أو اتجاه أو مذهب ايديولوجي خاص. وتكون مهمتها الترويج لفكر الحزب
والدفاع عن مواقفه وسياساته، مثل صحيفة "الشعب اليومية"People's Daily المملوكة للحزب الشيوعي الصيني.
في ظل التطور الذى يشهده العالم فى مختلف المجالات اختفت الصحافة الحزبية من كل البلاد الديمقراطية، واقتصر الإعلام الحزبي على المواقع الالكترونية الخاصة بالحزب وبعض النشرات الحزبية المطبوعة. ولعل المثال الأبرز على ذلك اختفاء صحيفة الحزب الشيوعي الفرنسي التي تحولت منذ منتصف التسعينيات من جريدة ناطقه باسم الحزب، إلي صحيفة يسارية بشكل عام.
ولكن لا يعني ذلك انتفاء التوجه السياسي للصحف، فهناك البعض منها لها توجه يساري مثل الليبراسيون الفرنسية، والجارديان البريطانية، وأخرى يمينية مثل الفيجارو الفرنسية والتايمز البريطانية، وثالثة في الوسط مثل اللوموند في فرنسا. وليس معنى ذلك أنها تروج وتعرض للتوجهات الحزبية أو تشارك في التعبئة السياسية لهذه التيارات، بل يؤثر توجهها السياسي على القضايا التي تهتم بها، فنجد مثلا الصحف التي توصف بأنها يسارية تركز على القضايا الاجتماعية وحقوق المرأة والأقليات بصورة أكبر من الصحف اليمينية مع احترامها للقواعد المهنية المتعارف عليها
د. ملكية العاملين في الإعلام Employees Ownership
في ظل التطور الذى يشهده العالم فى مختلف المجالات اختفت الصحافة الحزبية من كل البلاد الديمقراطية، واقتصر الإعلام الحزبي على المواقع الالكترونية الخاصة بالحزب وبعض النشرات الحزبية المطبوعة. ولعل المثال الأبرز على ذلك اختفاء صحيفة الحزب الشيوعي الفرنسي التي تحولت منذ منتصف التسعينيات من جريدة ناطقه باسم الحزب، إلي صحيفة يسارية بشكل عام.
ولكن لا يعني ذلك انتفاء التوجه السياسي للصحف، فهناك البعض منها لها توجه يساري مثل الليبراسيون الفرنسية، والجارديان البريطانية، وأخرى يمينية مثل الفيجارو الفرنسية والتايمز البريطانية، وثالثة في الوسط مثل اللوموند في فرنسا. وليس معنى ذلك أنها تروج وتعرض للتوجهات الحزبية أو تشارك في التعبئة السياسية لهذه التيارات، بل يؤثر توجهها السياسي على القضايا التي تهتم بها، فنجد مثلا الصحف التي توصف بأنها يسارية تركز على القضايا الاجتماعية وحقوق المرأة والأقليات بصورة أكبر من الصحف اليمينية مع احترامها للقواعد المهنية المتعارف عليها
د. ملكية العاملين في الإعلام Employees Ownership
هناك بعض الوسائل الإعلامية التي يملكها الصحفيون أنفسهم، وتقدم جريدة
اللوموند الفرنسية مثالا ناجحا على ذلك، حيث مرت الصحيفة بعدة مراحل اوصلتها في
نهاية المطاف الى ذلك. نشأت جريدة اللوموند في 1944 كمرجع يومي للأخبار جدير بثقة
القارئ ، في وقت تواترت فيه القرارات لإعادة هيكلة الجماعة الصحفية بفرنسا فيما
عرف بمرحلة التنقية وإعادة البناء في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
لم تتبلور فكرة إدارة الجريدة بالتسيير الذاتي إلا بعد أزمة سياسية تعرض لها رئيس التحرير بسبب انتقاده للحرب الدائرة آنذاك في الهند الصينية، ورفض الانصياع لأي من المعسكرين الرأسمالي والشيوعي فتقدم باستقالته وقبلتها الجمعية العمومية على الفور. إلا أن العاملين شنوا حملة وطالبوا بإدارة جماعية، بل وهددوا بالإضراب إذا لم يسمح لهم بأن يكونوا جزء من الجمعية العمومية ومساهمين في ملكية الجريدة. وبالفعل عاد رئيس التحرير وأسست أول شركة للمحررين عام 1951 ليحصد هؤلاء 25 % من مجموع الأصوات بما يكفل لهم الحفاظ على الخط التحريري لجريدتهم، وانتخاب الإدارة، والتحكم في اختيار الشركاء الجدد بالرفض او القبول.
أخذت هذه الصيغة في الانتشار وتزايدت "شركات المحررين" خلال حقبة الستينيات حيث كانت صيغة تحمي الصحفيين من بطش المدراء والملاك، ولكن بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي ألمت بالصحافة في أوائل السبعينات اندثرت العديد من "شركات المحررين". إلا أن اللوموند ظلت صامدة وملتزمة بصيغة الملكية الجماعية. وفي عام 1968 تم تأسيس شركتين جمعتا الموظفين والإداريين والكوادر. وفي عام 1985 تكونت شركة رابعة وهي شركة خاصة بقراء لوموند، الذين يحق لهم أيضا أن يكون لهم كلمتهم فيما يتعلق بإدارة واستقلالية الجريدة.
أصبح هناك أربعة شركات (المحررين –الكوادر – الموظفين – القراء) يحق لها التصويت حول أي قرار من خلال الجمعية العمومية السنوية، ومن لا يستطيع الحضور فعلية تفويض أخر بموجب "بون لتفويض السلطة"، الذي يمنحهم حق عرقلة القرارات واختيار المدراء: مدير الإصدار، ومدير التحرير، وكذلك رئيس لجنة الإشراف والرقابة.
مع بداية التسعينات عرفت الصحافة الفرنسية أزمة اقتصادية جديدة نتيجة لنقص الاعلانات. وكانت لوموند قد اقامت لتوها مطبعة ضخمة في الضاحية الباريسية ايفري بالاشتراك مع مجموعة "هاشيت" بتكلفة قدرها 400 مليون فرنك. وعلى خلفية الازمة تم تحويل لوموند من شركة ذات مسئولية محدودة الي شركة مساهمة، وصاحب ذلك ارتفاع في مرتبات المدراء والتوسع في التوظيف وشراء اصدارات صحفية اخرى بهدف تحويل اللوموند الي مجموعة عملاقة، وجري كل ذلك وسط قناعة من العاملين بأن التوسع كفيل بحماية استقلالهم امام نهم رجال الصناعة والمال.
وافق مجموع المحررين في عام 2005 على دخول مجموعتي لاجردار الفرنسية وبريزما الاسبانية العملاقتين في عالم الميديا كشركاء لهم في الشركة القابضة بنسبة 15 % لكل منهما، وانتقل نمط الادارة من التسيير الذاتي الي التسيير التشاركي، او الاشتراك في الادارة على النمط الألماني وبالتالي لم يعد في مقدور شركة المحررين التحكم في مصير جريدتهم كما كان يحدث من قبل. وانتهت فكرة ان يكون الغلبة للمساهمين من الداخل (فريق العاملين في اللوموند) على حساب المساهمين من الخارج (المستثمرين) واصبحت شكلية الي حد كبير وجردت من مضمونها.
وتستمر جهود العاملين في الالتفاف حول محاولات بريزما-لاجردار في السيطرة وتقليص دورهم في الادارة، حتى يتركز فقط في حق الاعتراض فيما يتعلق باختيار مدير التحرير، دون رئيس مجلس الادارة، او ابداء الرأي فيما يتعلق بالمحتوى التحريري
لم تتبلور فكرة إدارة الجريدة بالتسيير الذاتي إلا بعد أزمة سياسية تعرض لها رئيس التحرير بسبب انتقاده للحرب الدائرة آنذاك في الهند الصينية، ورفض الانصياع لأي من المعسكرين الرأسمالي والشيوعي فتقدم باستقالته وقبلتها الجمعية العمومية على الفور. إلا أن العاملين شنوا حملة وطالبوا بإدارة جماعية، بل وهددوا بالإضراب إذا لم يسمح لهم بأن يكونوا جزء من الجمعية العمومية ومساهمين في ملكية الجريدة. وبالفعل عاد رئيس التحرير وأسست أول شركة للمحررين عام 1951 ليحصد هؤلاء 25 % من مجموع الأصوات بما يكفل لهم الحفاظ على الخط التحريري لجريدتهم، وانتخاب الإدارة، والتحكم في اختيار الشركاء الجدد بالرفض او القبول.
أخذت هذه الصيغة في الانتشار وتزايدت "شركات المحررين" خلال حقبة الستينيات حيث كانت صيغة تحمي الصحفيين من بطش المدراء والملاك، ولكن بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي ألمت بالصحافة في أوائل السبعينات اندثرت العديد من "شركات المحررين". إلا أن اللوموند ظلت صامدة وملتزمة بصيغة الملكية الجماعية. وفي عام 1968 تم تأسيس شركتين جمعتا الموظفين والإداريين والكوادر. وفي عام 1985 تكونت شركة رابعة وهي شركة خاصة بقراء لوموند، الذين يحق لهم أيضا أن يكون لهم كلمتهم فيما يتعلق بإدارة واستقلالية الجريدة.
أصبح هناك أربعة شركات (المحررين –الكوادر – الموظفين – القراء) يحق لها التصويت حول أي قرار من خلال الجمعية العمومية السنوية، ومن لا يستطيع الحضور فعلية تفويض أخر بموجب "بون لتفويض السلطة"، الذي يمنحهم حق عرقلة القرارات واختيار المدراء: مدير الإصدار، ومدير التحرير، وكذلك رئيس لجنة الإشراف والرقابة.
مع بداية التسعينات عرفت الصحافة الفرنسية أزمة اقتصادية جديدة نتيجة لنقص الاعلانات. وكانت لوموند قد اقامت لتوها مطبعة ضخمة في الضاحية الباريسية ايفري بالاشتراك مع مجموعة "هاشيت" بتكلفة قدرها 400 مليون فرنك. وعلى خلفية الازمة تم تحويل لوموند من شركة ذات مسئولية محدودة الي شركة مساهمة، وصاحب ذلك ارتفاع في مرتبات المدراء والتوسع في التوظيف وشراء اصدارات صحفية اخرى بهدف تحويل اللوموند الي مجموعة عملاقة، وجري كل ذلك وسط قناعة من العاملين بأن التوسع كفيل بحماية استقلالهم امام نهم رجال الصناعة والمال.
وافق مجموع المحررين في عام 2005 على دخول مجموعتي لاجردار الفرنسية وبريزما الاسبانية العملاقتين في عالم الميديا كشركاء لهم في الشركة القابضة بنسبة 15 % لكل منهما، وانتقل نمط الادارة من التسيير الذاتي الي التسيير التشاركي، او الاشتراك في الادارة على النمط الألماني وبالتالي لم يعد في مقدور شركة المحررين التحكم في مصير جريدتهم كما كان يحدث من قبل. وانتهت فكرة ان يكون الغلبة للمساهمين من الداخل (فريق العاملين في اللوموند) على حساب المساهمين من الخارج (المستثمرين) واصبحت شكلية الي حد كبير وجردت من مضمونها.
وتستمر جهود العاملين في الالتفاف حول محاولات بريزما-لاجردار في السيطرة وتقليص دورهم في الادارة، حتى يتركز فقط في حق الاعتراض فيما يتعلق باختيار مدير التحرير، دون رئيس مجلس الادارة، او ابداء الرأي فيما يتعلق بالمحتوى التحريري
هـ. ملكية تعاونية Co-operative Ownership
يقوم هذا النمط على امتلاك عدد كبير جداً من المساهمين في هذه الوسيلة
أرصدة صغيرة، وينتخبون جمعية عمومية، ومجلس إدارة يعبر عنهم. وهذا النمط من الملكية
يحافظ على آداء الوسيلة الإعلامية بمعزل عن التأثر باستراتيجية مالك محدد أو عدد
قليل من الملاك، كما أن زيادة عدد المالكين مع ازدياد دور الجمعية العمومية يزيد
من مناعة وسائل الإعلام تجاه الضغوط السلطوية.
وتقدم الملكية التعاونية على أنها الحل الأمثل لعلاج مشكلات وسائل الإعلام ليس فقط في الدول التي تمر بمرحلة التحول الديمقراطي، بل أيضا في الدول الديمقراطية التي تقع وسائل الإعلام فيها تحت سيطرة الإحتكار الرأسمالي والدول غير الديمقراطية التي تعاني من سيطرة الدولة على وسائل الإعلام.
توجد العديد من التطبيقات الدولية الناجحة في مجال الملكية التعاونية لوسائل الإعلام مثل وكالة الاسيوشيتدبرس، حيث أنها من أكثر وسائل الإعلام محافظة على القيم المهنية والجدوى الإستثمارية وتعكس مصالح مالكين متنوعين، وترجع ملكية الوكالة إلي مساهمات عدد كبير من الصحف وقنوات الراديو والتلفزيون، التي تبث أخبار الوكالة وتنشر مادتها الإعلامية ايضاً من خلالها. وهناك إتجاهاً عالمياً للتوسع في الملكية التعاونية لوسائل الاعلام، ويتوافق هذا مع إعلان الامم المتحدة عام 2012 العام الدولي للتعاونيات، دعماً للدور الباز للملكية التعاونية في دعم التنمية
وتقدم الملكية التعاونية على أنها الحل الأمثل لعلاج مشكلات وسائل الإعلام ليس فقط في الدول التي تمر بمرحلة التحول الديمقراطي، بل أيضا في الدول الديمقراطية التي تقع وسائل الإعلام فيها تحت سيطرة الإحتكار الرأسمالي والدول غير الديمقراطية التي تعاني من سيطرة الدولة على وسائل الإعلام.
توجد العديد من التطبيقات الدولية الناجحة في مجال الملكية التعاونية لوسائل الإعلام مثل وكالة الاسيوشيتدبرس، حيث أنها من أكثر وسائل الإعلام محافظة على القيم المهنية والجدوى الإستثمارية وتعكس مصالح مالكين متنوعين، وترجع ملكية الوكالة إلي مساهمات عدد كبير من الصحف وقنوات الراديو والتلفزيون، التي تبث أخبار الوكالة وتنشر مادتها الإعلامية ايضاً من خلالها. وهناك إتجاهاً عالمياً للتوسع في الملكية التعاونية لوسائل الاعلام، ويتوافق هذا مع إعلان الامم المتحدة عام 2012 العام الدولي للتعاونيات، دعماً للدور الباز للملكية التعاونية في دعم التنمية
ماهو المرجع المعتمد للتصنفات السابقة
ردحذفهل هذا الموقع علمي
ردحذفارجو ذكر المراجع. والصادر
ردحذف