شبكة المعلومات الجديدة


الاتصال الجماهيري والاعلام » الدكتور كامل خورشيد مراد


الاتصال الجماهيري والاعلام
» الدكتور كامل خورشيد مراد
عدد الصفحات: 446  سنة الطبع: 2014
عرض نبذة عن الكتاب
----------------------------
إن تطور وسائل الاتصال بالشكل الذي نراه اليوم أدى إلى نشوء ظاهرة الاتصال الجماهيري. وأصبحت هذه الظاهرة محط أنظار نخبة من الدارسين تعكس اهتمامهم بهذه الوسائل وبآثارها الاجتماعية.
والاتصال الجماهيري يعني ذلك النمط من الاتصال الذي يتم بين أكثر من شخصين لإتمام العملية الاتصالية، والتي غالبا ما تقوم بها المؤسسات أو الهيئات عن طريق رسائل جماهيرية.

فهو اتصال منظم ومدروس يقوم على أساس إرسال رسالة علنية وعامة إلى جمهور عريض متباين الاتجاهات والمستويات غير معروف للقائم بالاتصال، باستخدام وسائل الاتصال الجماهيرية من صحف ومجلات وإذاعات ومحطات تلفزيونية وشبكات الانترنت والفضائيات ودور النشر الكبيرة وغيرها.

ويتميز الاتصال الجماهيري بقدرته على توصيل الرسائل إلى عدد كبير من الجمهور، في اللحظة نفسها وبسرعة مدهشة، مع مقدرة على خلق رأي عام، وعلى تنمية اتجاهات وأنماط من السلوك غير موجودة أصلا، والمقدرة على نقل المعارف والمعلومات.

وعملية الاتصال الجماهيري هي عملية منظمة ومعقدة ويزيد من صعوبتها ارتباطها المباشر بالسياسة.

ويُشير مصطلح الاتصال الجماهيري، بوجه عام، إلى كل الوسائل غير الشخصية للاتصال، التي عن طريقها تُنقل المعلومات بصورة سمعية أو بصرية، أو كلاهما معاً، إلى الجماهير. وتشمل وسائل الاتصال الجماهيري: التليفزيون والراديو والصحف والمجلات والكتب، وغير ذلك.

والواقع أن هذا المصطلح يتضمن جانبين: أولهما الوسائل الفنية للاتصال والنقل Media، والثاني الجمهور الكبير والواسع Mass..

وإن كان الاتصال الجماهيري هو الطرق والوسائل (كالجرائد والراديو... إلخ)، التي يمكن بها إيصال فكرة أو رأي إلى عدد كبير من الأفراد المستقبلين والمنتشرين، في أماكن بعيدة ومتفرقة، فإن لكل وسيلة من وسائله استخداماتها، كما أن لكل منها مزاياها الخاصة. وكذلك، فإن كل وسيلة تختلف عن الأخرى فيما يتعلق بالجمهور، سواء الذي تخاطبه أو تحمل إليه نوعاً خاصاً من الرسائل . فالتليفزيون ـ مثلاً ـ يلائم الجمهور المتعلم وغير المتعلم، الصغير والكبير، لأنه يجمع بين الكلمة والصورة، فضلاً عن أنه يمكن أن يستخدم أكثر من وسيلة، كالقمر الصناعي والصحف. أما الصحف فتحتاج إلى جمهور متعلم ومثقف.

ويعرف الاتصال بالجماهير بأنه العملية التي يتم بوساطتها الاتصال بجمهور، أو بغالبية المجتمع الكلي أو جمع كبير منه، اتصالاً (يمكن أن يكون مباشراً أو غير مباشر) يهدف إلى إحداث تغيير في استجابته السلوكية الظاهرة أو غير الظاهرة.

الاتصال الجماهيري يتحقق عبر وسيلة توزع على جمهور واسع، ولكن لا تتحقق فيه عملية التغذية المرتدة (أو رجع الصدى) إلا بشكل قليل جدا. وللتغلب على انخفاض رجع الصدى يكون اللجوء إلى استطلاعات الرأي العام هو الحل الأمثل.

لقد برزت عبارة الاتصال الجماهيري منذ اختراع المطبعة على يد الألماني يوحنا غوتنبيرغ منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، أما مطلع القرن العشرين فيعد انطلاقة عصر الاتصال الالكتروني الحديث الإذاعي والتلفازي.

بعد انتشار وسائل الاتصال الجماهيري بهذه الكثافة وبهذا الشكل ظهر الاهتمام بدراسة وسائل الاتصال والعملية الاتصالية بهدف التعرف على آثار الاتصال الجماهيري على المجتمع، وتسخير هذه الوسائل لخدمة الإنسان والبشرية.

إن الاتصال الجماهيري، وبشكله العصري التقني، يتجاوز اللقاء المباشر والتفاعل الاجتماعي وجها لوجه، وذلك باستخدام وسائل تقنية معقدة باهظة التكاليف،كالطباعة والإذاعة المسموعة والتلفزيون والسينما فضلا عن منظومة الاتصالات والمعلومات عبر الأقمار الاصطناعية،وشبكة الإنترنيت.

ومن هذا المنطلق فان تحليل التراث الفكري والتاريخي لوسائل الاتصال الجماهيري يقدم لنا تشكيلة متنوعة من التراث، وسعي المتخصصين والمهتمين به بمحاولة وضع تعريفات محددة لمفهوم الاتصال الجماهيري، كما جاء جانب من هذا التراث ليفسر اهم وظائف الاتصال الجماهيري وخصائصه العامة، التي تشكلت تبعا لعمليات التغيير الاجتماعي والثقافي والحضاري في المجتمعات المعاصرة.

لقد ركز العديد من الباحثين في علم الاجتماع والاتصال على أهمية دراسة وسائل الاتصال الجماهيري، وعدوها نوعا من الاتساق الاجتماعي Social Systems التي تقوم على مجموعة من البناءات الاجتماعية Social Structures  وتؤدي في الوقت ذاته العديد من الوظائف Functions  التي حددت الفعل من اجله.

فضلا عن ذلك فان تحليل التراث العلمي لوسائل الاتصال الجماهيري يكشف وجود عدد من العلوم الاجتماعية التي درست وسائل الاتصال من منظورها الخاص، ونجد العديد من الاجتهادات التي تصنف التراث النظري لعملية الاتصال، الأمر الذي أنتج ما يعرف بنماذج الاتصال Communication Models  التي أفردنا لها فصلا خاصا بهذا الكتاب.

وكانت الأبحاث في النماذج تسعى لفرز نظرية اتصالية Communication Theory  يمكن أن يطلق عليها مصطلح " نظرية الاتصال " أو " النظرية الاتصالية ".

والاتصال الجماهيري يمتاز بخاصية التوجه لجمهور ضخم وكبير متعدد المشارب والاتجاهات والاختلاف في القدرات والأعمار والمعارف والميول والأذواق، حيث تصل الرسالة في الاتصال الجماهيري إلى جميع الناس في وقت واحد.

فضلا عن أن المرسل في الاتصال الجماهيري غالبا لا يكون فردا بل مؤسسات وشركات عملاقة وكبيرة، والمرسل لا يرى جمهوره وجها لوجه كما هو في الاتصال الوجاهي المباشر، الأمر الذي يجعل التغذية الراجعة معدومة أو نادرة. أن المرسل بالاتصال الجماهيري لا يرى الجمهور، ولذلك تكون التغذية المرتدة الراجعة قلية نسبيا وأحادية الاتجاه.

وتأسيسا على ما تقدم من أفكار، فان أهمية الكتاب، الذي سعيت أن يكون منهجيا قدر الإمكان، جاءت لتقدم لطالب العلم والمعرفة، وللقارئ المتخصص، وغير المتخصص، رؤى جديدة لما وصلت إليه وسائل الاتصال في عصرنا الحالي.

كما تتبلور أهمية هذا المؤلف في تناوله بصورة تحليلية لتطور التراث المعرفي والعلمي في مجال علم الاتصال، (أو الإعلام لاحقا)،  المنبثق تاريخيا ونظريا، من علم الاجتماع، إذ جاءت فصول هذا الكتاب متسلسلة، مركزة في البداية على تأصيل الظاهرة الاتصالية ومكوناتها الاجتماعية، مرورا على تطوراتها، وتعريفا بمكوناتها وأشكالها، والتعريف بعلم الإعلام الجديد ومجالاته وطبيعته وأسسه النظرية وبعض تطبيقاته العملية..

وعندما نشير إلى جذور علم الإعلام، فإننا نؤكد فرضية انه لا يمكن للإعلام إن يتبلور كعلم مستقل قائم بذاته وله نظرياته وقوانينه ما لم يتم تحديد نماذج أساسية له وبلورتها بشكل يجعلها نماذج أساسية مستقلة.

ولابد من الإشارة إلى إن محاولات عديدة خرجت للاستفادة من العلوم الاجتماعية – وخاصة علم الاجتماع وعلم النفس – لبلورة نماذج خاصة بالإعلام، هذا الحقل المعرفي الذي ولد من حقل الاتصال الكبير، فالإعلام جزء من الاتصال ومعبر عنه وشكل من إشكاله.

إن الإعلام اخذ في التبلور كعلم مستقل، وهناك دلائل تشير إلى ذلك أهمها تطور مفاهيم الإعلام، والاتفاق على مسمياتها ومعانيها، والتقاء بحوث الإعلام وتقاربها وتنوع مجالاتها. (فاطمة القليني ومحمد شومان، 2004، 107-108).

لقد أنتج علم الاجتماع بعيد منتصف القرن الماضي علما جديدا اسمه (علم اجتماع الإعلام) أو (سوسيولوجيا الإعلام) Media Sociology  وهذا العلم هو علم الإعلام من منظور سوسيولوجي، حيث كان الإعلام في بداية تشكيله اعتمد على علم الاجتماع بدرجة كبيرة، قبل إن يتحول نحو تأكيد وجوده المستقل، فرغم تداخل موضوعاته مع علم الاجتماع حيث إن له اهتمامات على رأسها: كيف نفهم المجتمع وكيف نحلل المجتمع، إلا انه من الإنصاف إن لا نعد علم الإعلام فرعا من فروع علم الاجتماع.

وأنتج علم النفس في الفترة نفسها علما أخر هو (علم النفس الإعلامي Psychology Media) وهو منظور نفسي للإعلام، فكذلك من الصعب عد علم الإعلام فرعا من فروع علم النفس رغم استفادة الإعلام بالعديد من نظريات علم النفس وبخاصة علم النفس الاجتماعي.

ونتوقع إن تنتج العلوم الأخرى، وبخاصة الإنسانية منها، علوما إعلامية في السياسة والاقتصاد والقانون والتاريخ وغيرها.

إن هذه المحاولات تكتسب شرعيتها من حقيقة التكامل بين العلوم الاجتماعية وتشابه النماذج الأساسية في العلوم الاجتماعية على اختلاف مجالاتها.

الكتاب مكون من أربعة أبواب تحتوي على ثمانية عشر فصلا. خصص الباب الأول لتأصيل ظاهرة الإتصال، عبر خمسة فصول ، تناول الأول منها مفهوم علم الاتصال وتطوره، في حين تناول الفصل الثاني تحليل العملية الاتصالية، وتطرق الفصل الثالث إلى ميادين الاتصال وأشكاله المختلفة ومعايير تقسيماته، أما الفصل الرابع فاستعرض اهم النماذج الاتصالية التي تقوم عليها الظاهرة الاتصالية، في حين تطرق الفصل الخامس إلى نظريات الاتصال.

أما الباب الثاني الذي جاء تحت عنوان " الاتصال الجماهيري والإعلام " فقد تضمن أربعة فصول هي: الفصل السادس الذي استعرض بالتحليل المراحل الاتصالية بدءا من بدايات الظاهرة الاتصالية ووصولا إلى الوقت الحالي، في حين ناقش الفصل السابع طبيعة ظاهرة الاتصال الجماهيري، وفي الفصل الثامن تركز الحديث عن خصائص الاتصال الجماهيري وأهميته، وكانت وظائف الاتصال هي محور الفصل التاسع.

وفي الباب الثالث الذي حمل عنوان " أسس الاتصال الجماهيري وعناصره "، فقد جاء الفصل العاشر ليسلط الأضواء على البيئة السياسية والاجتماعية للاتصال الجماهيري من خلال مناقشة واقع نظريات الإعلام القديمة والحديثة، في حين كرس الفصل الحادي عشر لنظرية حارس البوابة الإعلامية والقائم بالاتصال، أما الفصل الثاني عشر فبحث في الرسالة الإعلامية وعناصرها وشروطها، في حين ناقش الفصل الثالث عشر جمهور وسائل الإعلام الجماهيري وأهميته للقائم بالاتصال، وكان محور المؤسسات الإعلامية هو موضوع الفصل الرابع عشر.

وتضمن الباب الرابع الذي حمل عنوان " مجالات الاتصال الجماهيري" خمسة فصول، حيث ناقش الفصل الخامس عشر  ظاهرة الرأي العام في المجتمعات المعاصرة، في حين تناول الفصل السادس عشر مجال العلاقات العامة وتطبيقاتها الاتصالية، وكان محور الدعاية والإعلان هو موضوع الفصل السابع عشر، أما الفصل الثامن عشر، والأخير، من هذا الكتاب فقد تناول خلاصة ما استخلصه المؤلف من افتراضات وتصورات ونظريات مستقبلية من خلال فصل خاص بعنوان " الإعلام الجديد: نظرة مستقبلية "، وهو ما يفتح الباب واسعا أمام نقاشات أخرى مستفيضة، وثرية، وجديدة، ومفيدة، تتناول علم الإعلام الجماهيري ومجتمع المعلومات، ومصير وسائل الاتصال الجماهيري التقليدية، في ظل العولمة الزاحفة إلى كل مكان، وفي ظل إعلام جديد، بدأت نظرياته وفلسفاته وتطبيقاته تأخذ مداها خلال السنوات العشرين الماضية.

ليست هناك تعليقات