ملكية وسائل الإعلام في مصر
ملكية وسائل الإعلام في مصر
إعداد: نفيسة صلاح
الدينالهيئة العامة للاستعلامات
--------------------------
يتناول هذا الجزء تاريخ ملكية وسائل الإعلام المصرية، والتشريعات المنظمة للملكية، كما يعرض لواقع ملكية وسائل الإعلام المصرية، وأخيراً يقدم رؤية حول تأثير الملكية على الآداء الإعلامي.
1. تاريخ ملكية وسائل الإعلام في مصر
يتناول هذا الجزء تاريخ ملكية وسائل الإعلام المصرية، والتشريعات المنظمة للملكية، كما يعرض لواقع ملكية وسائل الإعلام المصرية، وأخيراً يقدم رؤية حول تأثير الملكية على الآداء الإعلامي.
1. تاريخ ملكية وسائل الإعلام في مصر
أ. الصحف
كانت بداية الصحف في مصر بداية رسمية، حيث نشأت في كنف الحكام، وبأموالهم، وتحت رعايتهم، ويعتبر "جورنال الخديوي" هو أول صحيفة رسمية أصدرها محمد علي 1813، وكانت عبارة عن ملخص أو تقرير للشئون المالية والزراعية وشئون التعليم، وكانت توزع على بعض موظفي الحكومة، ولم يكن يسمح للشعب بالاطلاع عليها. ثم تطور هذا الجورنال وبات يطلق عليه "الوقائع المصرية"، وصدر أول عدد له في ديسمبر 1828، وكان يشتمل على خلاصة الحوادث التي تقع في جميع جهات القطر المصري. وكان محمد علي يراجع بنفسه مسودات الصحيفة قبل إرسالها إلي المطبعة، وكانت تصل إلي العلماء والأعيان ورجال الدين والي طلبة العلم في مصر وأوربا والي جميع موظفي الحكومة بلا استثناء.
ومع بداية عصر الخديوي اسماعيل 1863 عرفت مصر لأول مرة الصحافة الأهلية، ويرجع ذلك إلي عدة أسباب منها:
- رغبة إسماعيل في الاعتماد على الصحافة الأهلية للدفاع عنه ضد سياسة الباب العالي من ناحية، وضد الأجانب الموجودين في مصر من ناحية أخرى.
- ظهور السيد جمال الدين الأفغاني في مصر وتشجيعه لتلاميذه على إصدار الصحف لتنوير عقول الناس، فأسس أديب إسحاق صحيفة مصر، وصحيفة التجارة، وأسس عبد الله النديم التبكيت والتنكيت، وأسس يعقوب صنوع أبو نظارة، وغيرهم من تلاميذ جمال الدين الذين أسسوا لصحف أخرى أو شاركوا بالتحرير والكتابة في هذه الصحف.
- هجرة السوريين إلي مصر وتوجههم للعمل في مجال الصحافة وتأسيس الصحف، حيث كانوا يتمتعون بحرية نسبية لم تكن موجودة في بلادهم، وقد أسس سليم وبشارة تقلا الأهرام، وتأسست "مرآة الشرق" لسليم عنحوري، وغيرهم من السوريين الذين أصدروا العديد من الصحف.
- قيام الحرب الروسية التركية كان سببا مهماً من أسباب تطور ونمو الصحافة الأهلية في مصر، وذلك لأن الخديوي إسماعيل كان ساخطاً على هذه الحرب، ولم يكن لديه استعداد لتقديم المساعدات للسلطان، فأطلق يد الصحف الأهلية في تناول الحرب بحرية لم تعهدها من قبل. وقد ساهم ذلك في نمو وتطور الصحافة الأهلية في مصر.
- بداية تكون الرأي العام المصري وانشغاله بأمور كثيرة مثل استبداد إسماعيل، والديون التي اغرق مصر فيها، والتدخل الأجنبي الذي كان نتيجة لهذه الديون، والنزاع الذي كان بين الخديوي وبين الباب العالي، وأحداث الحرب الروسية التركية، وانقسام الرأي العام إلي فريقين فريق يتحمس لروسيا وفريق يتحمس للأتراك.
- ظهور الأحزاب المصرية الرئيسية عام 1907، حيث عرفت مصر الصحف الحزبية، فحزب الأمة أصدر "الجريدة"، وحزب الإصلاح على المبادئ الدستورية أصدر "المؤيد"، والحزب الوطني "اللواء". وظلت ملكية الصحف على هذا الشكل ما بين جرائد رسمية، وخاصة، وحزبية، حتى بعد صدور دستور 1923، وحتى قيام ثورة يوليو 1952.
في مايو 1960 تغير شكل ملكية الصحف في مصر بصدور قانون "تنظيم الصحافة"، الذي آلت به ملكية الصحف إلي ما كان يعرف بالاتحاد القومي، وهو التنظيم السياسي لنظام ثورة يوليو، ثم الاتحاد الاشتراكي العربي التنظيم البديل بعد ذلك. ومن الجدير بالذكر أن تأميم الصحافة تم فى 1961، وفقا لما عرف بقرارات يوليو الاشتراكية، تماشيا مع توجه النظام السياسي في ذلك الوقت نحو الاقتصاد الاشتراكي وملكية الدولة لوسائل الإنتاج.
ظلت هذه الصيغة لملكية المؤسسات الصحفية قائمة، إلي أن تم إلغاء الاتحاد الاشتراكي في أواخر عهد الرئيس السادات، وعودة الحياة الحزبية مرة أخرى بعد التعديلات التي جرت عام 1980 على دستور 1971 الدائم، حيث نص على ان النظام السياسي في مصر يقوم على تعدد الأحزاب. وصدر قانون سلطة الصحافة رقم 148 لسنة 1980، وبمقتضى هذا القانون نقلت تبعية الصحف القومية إلي مجلس الشورى، وصار في مصر وفقاً لهذا القانون ثلاثة أشكال من الصحف: أولها، المؤسسات الصحفية القومية المملوكة للدولة، والذي يمارس حقوق الملكية عليها مجلس الشورى، ولكنها كانت ممارسة شكلية، حيث كانت الملكية الحقيقية للسلطة التنفيذية الممثلة في الرئيس والحكومة التي تحدد رؤساء مجالس الإدارات، وإرسال أسمائهم إلي مجلس الشورى، الذي لم يزد دوره عن إصدار قرارات تعيين هذه الأسماء. وقد نظم القانون رقم 96 لسنة 1996 ملكية الدولة لهذه الصحف. وثانيها، الصحف الحزبية. وثالثها، الصحف الخاصة، الذي نظّم القانون السابق الاشارة اليه ملكيتها.
كانت بداية الصحف في مصر بداية رسمية، حيث نشأت في كنف الحكام، وبأموالهم، وتحت رعايتهم، ويعتبر "جورنال الخديوي" هو أول صحيفة رسمية أصدرها محمد علي 1813، وكانت عبارة عن ملخص أو تقرير للشئون المالية والزراعية وشئون التعليم، وكانت توزع على بعض موظفي الحكومة، ولم يكن يسمح للشعب بالاطلاع عليها. ثم تطور هذا الجورنال وبات يطلق عليه "الوقائع المصرية"، وصدر أول عدد له في ديسمبر 1828، وكان يشتمل على خلاصة الحوادث التي تقع في جميع جهات القطر المصري. وكان محمد علي يراجع بنفسه مسودات الصحيفة قبل إرسالها إلي المطبعة، وكانت تصل إلي العلماء والأعيان ورجال الدين والي طلبة العلم في مصر وأوربا والي جميع موظفي الحكومة بلا استثناء.
ومع بداية عصر الخديوي اسماعيل 1863 عرفت مصر لأول مرة الصحافة الأهلية، ويرجع ذلك إلي عدة أسباب منها:
- رغبة إسماعيل في الاعتماد على الصحافة الأهلية للدفاع عنه ضد سياسة الباب العالي من ناحية، وضد الأجانب الموجودين في مصر من ناحية أخرى.
- ظهور السيد جمال الدين الأفغاني في مصر وتشجيعه لتلاميذه على إصدار الصحف لتنوير عقول الناس، فأسس أديب إسحاق صحيفة مصر، وصحيفة التجارة، وأسس عبد الله النديم التبكيت والتنكيت، وأسس يعقوب صنوع أبو نظارة، وغيرهم من تلاميذ جمال الدين الذين أسسوا لصحف أخرى أو شاركوا بالتحرير والكتابة في هذه الصحف.
- هجرة السوريين إلي مصر وتوجههم للعمل في مجال الصحافة وتأسيس الصحف، حيث كانوا يتمتعون بحرية نسبية لم تكن موجودة في بلادهم، وقد أسس سليم وبشارة تقلا الأهرام، وتأسست "مرآة الشرق" لسليم عنحوري، وغيرهم من السوريين الذين أصدروا العديد من الصحف.
- قيام الحرب الروسية التركية كان سببا مهماً من أسباب تطور ونمو الصحافة الأهلية في مصر، وذلك لأن الخديوي إسماعيل كان ساخطاً على هذه الحرب، ولم يكن لديه استعداد لتقديم المساعدات للسلطان، فأطلق يد الصحف الأهلية في تناول الحرب بحرية لم تعهدها من قبل. وقد ساهم ذلك في نمو وتطور الصحافة الأهلية في مصر.
- بداية تكون الرأي العام المصري وانشغاله بأمور كثيرة مثل استبداد إسماعيل، والديون التي اغرق مصر فيها، والتدخل الأجنبي الذي كان نتيجة لهذه الديون، والنزاع الذي كان بين الخديوي وبين الباب العالي، وأحداث الحرب الروسية التركية، وانقسام الرأي العام إلي فريقين فريق يتحمس لروسيا وفريق يتحمس للأتراك.
- ظهور الأحزاب المصرية الرئيسية عام 1907، حيث عرفت مصر الصحف الحزبية، فحزب الأمة أصدر "الجريدة"، وحزب الإصلاح على المبادئ الدستورية أصدر "المؤيد"، والحزب الوطني "اللواء". وظلت ملكية الصحف على هذا الشكل ما بين جرائد رسمية، وخاصة، وحزبية، حتى بعد صدور دستور 1923، وحتى قيام ثورة يوليو 1952.
في مايو 1960 تغير شكل ملكية الصحف في مصر بصدور قانون "تنظيم الصحافة"، الذي آلت به ملكية الصحف إلي ما كان يعرف بالاتحاد القومي، وهو التنظيم السياسي لنظام ثورة يوليو، ثم الاتحاد الاشتراكي العربي التنظيم البديل بعد ذلك. ومن الجدير بالذكر أن تأميم الصحافة تم فى 1961، وفقا لما عرف بقرارات يوليو الاشتراكية، تماشيا مع توجه النظام السياسي في ذلك الوقت نحو الاقتصاد الاشتراكي وملكية الدولة لوسائل الإنتاج.
ظلت هذه الصيغة لملكية المؤسسات الصحفية قائمة، إلي أن تم إلغاء الاتحاد الاشتراكي في أواخر عهد الرئيس السادات، وعودة الحياة الحزبية مرة أخرى بعد التعديلات التي جرت عام 1980 على دستور 1971 الدائم، حيث نص على ان النظام السياسي في مصر يقوم على تعدد الأحزاب. وصدر قانون سلطة الصحافة رقم 148 لسنة 1980، وبمقتضى هذا القانون نقلت تبعية الصحف القومية إلي مجلس الشورى، وصار في مصر وفقاً لهذا القانون ثلاثة أشكال من الصحف: أولها، المؤسسات الصحفية القومية المملوكة للدولة، والذي يمارس حقوق الملكية عليها مجلس الشورى، ولكنها كانت ممارسة شكلية، حيث كانت الملكية الحقيقية للسلطة التنفيذية الممثلة في الرئيس والحكومة التي تحدد رؤساء مجالس الإدارات، وإرسال أسمائهم إلي مجلس الشورى، الذي لم يزد دوره عن إصدار قرارات تعيين هذه الأسماء. وقد نظم القانون رقم 96 لسنة 1996 ملكية الدولة لهذه الصحف. وثانيها، الصحف الحزبية. وثالثها، الصحف الخاصة، الذي نظّم القانون السابق الاشارة اليه ملكيتها.
ب. وسائل الإعلام المسموعة والمرئية
بدأ البث الإذاعي في مصر في عشرينيات القرن الماضي عبر إذاعات أهلية
محدودة التأثير والانتشار. وفي 31 مايو 1934 أنشئت الإذاعة المصرية، وبدء إرسالها
لأول مرة ويعد ذلك أول تنظيم رسمي للإعلام الإذاعي المصري، وقد مرت الإذاعة
المصرية منذ إنشائها وحتى قيام ثورة 1952 بالعديد من المراحل من حيث الجهات التي
أشرفت عليها. وقد دخلت الإذاعة مرحلة جديدة بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، حيث
انتقل الإشراف عليها إلى وزارة الإرشاد القومي، وفى 15 فبراير 1958 صدر القرار
الجمهوري رقم 183 لسنة 1958 باعتبار الإذاعة المصرية مؤسسة عامة ذات شخصية
اعتبارية، وتم إلحاقها برئاسة الجمهورية، وأنشئ التليفزيون المصري في إطار
الإذاعة، حيث أنشئت الإدارة العامة للتليفزيون بقرار رئيس مجلس إدارة هيئة الإذاعة
رقم (2) لسنة 1959 فى 29/6/1959.
أنشئ اتحاد الإذاعة والتلفزيون في 13 أغسطس 1970 بالقانون رقم 62 لسنة 1970 وبموجب هذا القانون أصبح اتحاد الإذاعة والتلفزيون هو المختص بشئون الإذاعة المسموعة والمرئية، وله وحده حق إنشاء وتملك محطات البث الإذاعي المسموع والمرئي. وفي عام 1997 صدر قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الذي مهد لإنشاء منطقة حرة عامة في مدينة الإنتاج الإعلامي. وفي نوفمبر 2001 بدأ بث أول شبكة فضائية تلفزيونية خاصة في مصر( شبكة دريم)، ثم توالى ظهور القنوات الفضائية المصرية(20).
2. التشريعات المنظمة لملكية وسائل الاعلام في مصر*:
لم يعرف دستور 1971 ، الذي عطل العمل به من بعد ثورة 25 يناير 2011 مصطلح الإعلام ولا وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، فقد تم اختزال وسائل الإعلام والاتصال في هذا الدستور في "سلطة الصحافة"، دون الأخذ في الاعتبار الأطر التشريعية والقانونية التي قد تتباين أو تتشابه بالنسبة لوسائل الإعلام المختلفة(21). ونص الباب السابع منه على سلطة الصحافة، وإقرار حريتها، واستقلالها، وحرية إصدار الصحف، وملكيتها للأشخاص الاعتبارية العامة، والخاصة، والأحزاب السياسية، وجاءت القوانين لتنظم هذه الملكية بشكل أكثر تفصيلاً.
أ. الصحف
ينظم قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996(22) إصدار وملكية الصحف، فيقرر أن إصدار وملكية الصحف حق مكفول بالقانون للأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة، واشترط في الصحف التي تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة فيما عدا الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات أن تتخذ شكل تعاونيات، أو شركات مساهمة، على أن تكون الأسهم جميعها في الحالتين اسمية ومملوكة .
*تم اجراء هذه الدراسة قبل اقرار دستور 2013 الذي نص على انشاء المجلس الوطني للإعلام لتنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئي، والمطبوع، والرقمي إلي جانب انشاء هيئتين تختصان بإدارة المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة.
للمصريين وحدهم، كما منع أن تزيد ملكية الشخص وأفراد أسرته وأقاربه حتى الدرجة الثانية عن 10% من رأس مال الشركة.
أما بالنسبة للصحف القومية التي يعرفها القانون بأنها الصحف التي تصدر حاليا أو مستقبلا عن المؤسسات الصحفية ووكالات الأنباء وشركات التوزيع التي تملكها الدولة ملكية خاصة فقد جعل حقوق ملكيتها تتبع مجلس الشورى.
أنشئ اتحاد الإذاعة والتلفزيون في 13 أغسطس 1970 بالقانون رقم 62 لسنة 1970 وبموجب هذا القانون أصبح اتحاد الإذاعة والتلفزيون هو المختص بشئون الإذاعة المسموعة والمرئية، وله وحده حق إنشاء وتملك محطات البث الإذاعي المسموع والمرئي. وفي عام 1997 صدر قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الذي مهد لإنشاء منطقة حرة عامة في مدينة الإنتاج الإعلامي. وفي نوفمبر 2001 بدأ بث أول شبكة فضائية تلفزيونية خاصة في مصر( شبكة دريم)، ثم توالى ظهور القنوات الفضائية المصرية(20).
2. التشريعات المنظمة لملكية وسائل الاعلام في مصر*:
لم يعرف دستور 1971 ، الذي عطل العمل به من بعد ثورة 25 يناير 2011 مصطلح الإعلام ولا وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، فقد تم اختزال وسائل الإعلام والاتصال في هذا الدستور في "سلطة الصحافة"، دون الأخذ في الاعتبار الأطر التشريعية والقانونية التي قد تتباين أو تتشابه بالنسبة لوسائل الإعلام المختلفة(21). ونص الباب السابع منه على سلطة الصحافة، وإقرار حريتها، واستقلالها، وحرية إصدار الصحف، وملكيتها للأشخاص الاعتبارية العامة، والخاصة، والأحزاب السياسية، وجاءت القوانين لتنظم هذه الملكية بشكل أكثر تفصيلاً.
أ. الصحف
ينظم قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996(22) إصدار وملكية الصحف، فيقرر أن إصدار وملكية الصحف حق مكفول بالقانون للأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة، واشترط في الصحف التي تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة فيما عدا الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات أن تتخذ شكل تعاونيات، أو شركات مساهمة، على أن تكون الأسهم جميعها في الحالتين اسمية ومملوكة .
*تم اجراء هذه الدراسة قبل اقرار دستور 2013 الذي نص على انشاء المجلس الوطني للإعلام لتنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئي، والمطبوع، والرقمي إلي جانب انشاء هيئتين تختصان بإدارة المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة.
للمصريين وحدهم، كما منع أن تزيد ملكية الشخص وأفراد أسرته وأقاربه حتى الدرجة الثانية عن 10% من رأس مال الشركة.
أما بالنسبة للصحف القومية التي يعرفها القانون بأنها الصحف التي تصدر حاليا أو مستقبلا عن المؤسسات الصحفية ووكالات الأنباء وشركات التوزيع التي تملكها الدولة ملكية خاصة فقد جعل حقوق ملكيتها تتبع مجلس الشورى.
ب. وسائل الإعلام المسموع والمرئي
ينظم قانون اتحاد الإذاعة والتلفزيون رقم (13) لسنة 1979 وتعديلاته
بالقانون رقم 223 لسنة 1989(23)
وسائل الإعلام المسموع والمرئي في مصر وقد تقرر فيه أن اتحاد الإذاعة والتلفزيون
هو المختص دون غيره بشئون الإذاعة المسموعة والمرئية، وله وحده حق إنشاء وتملك
محطات البث الإذاعي المسموع والمرئي، كما تتولى الهيئة دون غيرها الإشراف والرقابة
على المواد المسموعة والمرئية التي تبثها أجهزتها، وتخضع لرقابتها، وجعل القانون
وزير الإعلام هو المشرف على الاتحاد، والمتابع لأدائه، وتنفيذه لأهدافه، بما يكفل
ربط هذه الأهداف والخدمات بالسياسة العليا.
ثم جاء قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997(24) المتلو بقرار رئيس الوزراء رقم (411) لسنة2000 بشان إنشاء منطقة حرة عامة بمدينة الإنتاج الإعلامي بمدينة السادس من أكتوبر، مما فتح الباب أمام إنشاء قنوات فضائية خاصة.اضافة إلى قانون الاتصالات المصري رقم (10) لسنة 2003(25) الذي منع أي جهة من الحصول على أي حيز ترددي للخدمات التلفزيونية، أو امتلاك أجهزة للبث أو الاستقبال أو الهندسة الإذاعية عدا اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري.
ثم جاء قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997(24) المتلو بقرار رئيس الوزراء رقم (411) لسنة2000 بشان إنشاء منطقة حرة عامة بمدينة الإنتاج الإعلامي بمدينة السادس من أكتوبر، مما فتح الباب أمام إنشاء قنوات فضائية خاصة.اضافة إلى قانون الاتصالات المصري رقم (10) لسنة 2003(25) الذي منع أي جهة من الحصول على أي حيز ترددي للخدمات التلفزيونية، أو امتلاك أجهزة للبث أو الاستقبال أو الهندسة الإذاعية عدا اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري.
3. واقع ملكية وسائل الإعلام المصرية
أ. الصحف
عرفت مصر ثلاث أنماط من ملكية الصحف، الصحف القومية المملوكة للدولة والذي كان يمارس حقوق الملكية عليها مجلس الشورى، الصحف الحزبية، الصحف الخاصة سواء كانت مملوكة لأشخاص أو مؤسسات.
• الصحف القومية
تملك الدولة المصرية 57 صحيفة مطبوعة تصدر عن خمس مؤسسات قومية وهي الأهرام، والأخبار، ودار التحرير، وروزاليوسف، ودار الهلال. فضلا عن وكالة أنباء الشرق الأوسط(26). تأثرت الصحف القومية بنمط ملكية الدولة لها، حيث ادى ضعف الرقابة على الآداء الإقتصادي لهذه الصحف، الي إختلال هياكلها الإقتصادية، واستمرار معظم هذه المؤسسات في تكبد الخسائر(27).
• الصحف الحزبية
بلغ عدد الصحف الحزبية في مصر 12 صحيفة تنوعت دوريتها ما بين يومية وأسبوعية أو أكثر من اسبوعية وفقاً لإحصاء الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء2011. ولكن تعرضت هذه الصحف بعد ثورة 25 يناير لمصاعب اقتصادية كبيرة بسبب انهيار توزيعها والتكلفة العالية لإصدار الصحف، ما ادى الي توقف بعضها عن الصدور.
• الصحف الخاصة
تبلغ عدد الدوريات التي تصدر عن القطاع الخاص 152 دورية وتتنوع دوريتها ما بين يومية، اسبوعية، نصف شهرية، شهرية، كل شهرين، ربع سنوية، سنوية، وفقاً لإحصاء الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء2011. وتجري عمليات ترخيص الصحف والتي تخضع لإشراف "المجلس الأعلى للصحافة " على نحو يتسم بالسرية، ودون إتاحة الفرصة للرأي العام للتعرف على معلومات الملكية(28).
على الرغم من أن قانون تنظيم الصحافة قد نص على فرض ضوابط صارمة تحد من تكتل او تركز الملكية على مستوى قطاع الإعلام المطبوع، فلا يمكن الجزم أن هناك التزام بتطبيق هذه القواعد على مستوى الممارسة العملية. فمن الواضح أن العديد من الصحف الخاصة في مصر تتبع لرجال أعمال، ولذلك يوصي تقرير اليونسكو عن تطوير قطاع الإعلام في جمهورية مصر العربية الذي صدر 2013 "بضرورة وضع قواعد تحد من تمركز أو تكتل ملكية وسائل الإعلام، وذلك قبل أن تأخذ تلك الملكية في التمركز أو التكتل بشكل فعلي"(29)
ب. الاعلام المسموع والمرئي
• الإعلام المسموع والمرئي المملوك للدولة
تعتبر وزارة الإعلام المتحكم الأول في الإعلام المسموع والمرئي في مصر، ويتبع الوزارة عدد كبير من الهيئات والقطاعات أبرزها إتحاد الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو). يضم اتحاد الإذاعة والتلفزيون عددا من القطاعات: القطاع الاقتصادي، وقطاع قنوات النيل المتخصصة، وقطاع الأخبار، وقطاع الإنتاج، وقطاع التليفزيون، وقطاع الإذاعة، وقطاع الأمانة العامة، وقطاع القنوات الفضائية، وقطاع الهندسة الإذاعية، بالإضافة إلي مجلة الإذاعة والتلفزيون، وشركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، والشركة المصرية للأقمار الصناعية "نايل سات"، ومدينة الإنتاج الإعلامي.(30) تملك الدولة المصرية 48 من الإذاعات المصرية، والقنوات الأرضية والفضائية والمحلية التلفزيونية(31).
عرفت مصر ثلاث أنماط من ملكية الصحف، الصحف القومية المملوكة للدولة والذي كان يمارس حقوق الملكية عليها مجلس الشورى، الصحف الحزبية، الصحف الخاصة سواء كانت مملوكة لأشخاص أو مؤسسات.
• الصحف القومية
تملك الدولة المصرية 57 صحيفة مطبوعة تصدر عن خمس مؤسسات قومية وهي الأهرام، والأخبار، ودار التحرير، وروزاليوسف، ودار الهلال. فضلا عن وكالة أنباء الشرق الأوسط(26). تأثرت الصحف القومية بنمط ملكية الدولة لها، حيث ادى ضعف الرقابة على الآداء الإقتصادي لهذه الصحف، الي إختلال هياكلها الإقتصادية، واستمرار معظم هذه المؤسسات في تكبد الخسائر(27).
• الصحف الحزبية
بلغ عدد الصحف الحزبية في مصر 12 صحيفة تنوعت دوريتها ما بين يومية وأسبوعية أو أكثر من اسبوعية وفقاً لإحصاء الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء2011. ولكن تعرضت هذه الصحف بعد ثورة 25 يناير لمصاعب اقتصادية كبيرة بسبب انهيار توزيعها والتكلفة العالية لإصدار الصحف، ما ادى الي توقف بعضها عن الصدور.
• الصحف الخاصة
تبلغ عدد الدوريات التي تصدر عن القطاع الخاص 152 دورية وتتنوع دوريتها ما بين يومية، اسبوعية، نصف شهرية، شهرية، كل شهرين، ربع سنوية، سنوية، وفقاً لإحصاء الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء2011. وتجري عمليات ترخيص الصحف والتي تخضع لإشراف "المجلس الأعلى للصحافة " على نحو يتسم بالسرية، ودون إتاحة الفرصة للرأي العام للتعرف على معلومات الملكية(28).
على الرغم من أن قانون تنظيم الصحافة قد نص على فرض ضوابط صارمة تحد من تكتل او تركز الملكية على مستوى قطاع الإعلام المطبوع، فلا يمكن الجزم أن هناك التزام بتطبيق هذه القواعد على مستوى الممارسة العملية. فمن الواضح أن العديد من الصحف الخاصة في مصر تتبع لرجال أعمال، ولذلك يوصي تقرير اليونسكو عن تطوير قطاع الإعلام في جمهورية مصر العربية الذي صدر 2013 "بضرورة وضع قواعد تحد من تمركز أو تكتل ملكية وسائل الإعلام، وذلك قبل أن تأخذ تلك الملكية في التمركز أو التكتل بشكل فعلي"(29)
ب. الاعلام المسموع والمرئي
• الإعلام المسموع والمرئي المملوك للدولة
تعتبر وزارة الإعلام المتحكم الأول في الإعلام المسموع والمرئي في مصر، ويتبع الوزارة عدد كبير من الهيئات والقطاعات أبرزها إتحاد الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو). يضم اتحاد الإذاعة والتلفزيون عددا من القطاعات: القطاع الاقتصادي، وقطاع قنوات النيل المتخصصة، وقطاع الأخبار، وقطاع الإنتاج، وقطاع التليفزيون، وقطاع الإذاعة، وقطاع الأمانة العامة، وقطاع القنوات الفضائية، وقطاع الهندسة الإذاعية، بالإضافة إلي مجلة الإذاعة والتلفزيون، وشركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، والشركة المصرية للأقمار الصناعية "نايل سات"، ومدينة الإنتاج الإعلامي.(30) تملك الدولة المصرية 48 من الإذاعات المصرية، والقنوات الأرضية والفضائية والمحلية التلفزيونية(31).
• الإعلام المسموع والمرئي الخاص
في نوفمبر عام 2001 بدأ بث أول شبكة فضائية تلفزيونية خاصة في مصر وهي شبكة دريم، وكان الهدف الأساسي من إطلاق القناة هدفًا تجارياً بحتاً، حيث أن المجموعة الإقتصادية المالكة لها كانت تنفق على الإعلانات 38 مليون جنيه سنوياً، ما جعلها تفكر في إطلاق قناة فضائية لإذاعة الإعلانات الخاصة بشركاتها(32).
وكشف تقرير صادر عن وزارة الاستثمار المصرية حول الشركات التي تبث قنوات فضائية في مصر إن عدد الشركات التي تم إشهارها بداية من 2001 وحتى ديسمبر 2010 بلغ 40 شركة قامت ببث 69 قناة فضائية متنوعة، وان عدد الشركات التي تم إشهارها خلال ثلاثة أشهر فقط بداية من مارس 2011 وحتى مايو من نفس العام بلغ 16 شركة تبث 22 قناة فضائية(33).
4. تأثير الملكية على الآداء الإعلامي
يختلف تأثير الملكية على الآداء الإعلامي تبعا للجهة المالكة، والسياسات التى تمارسها، ففي الصحافة المملوكة للدولة انعكست البيروقراطية الشديدة التي يعاني منها الجهاز الإداري للدولة على الآداء الإعلامي، ولاسيما فيما يتعلق بالترقي داخل المؤسسات الصحفية، كما ان عملية اختيار رؤساء تحرير الصحف خضعت لمعايير أخري غير المتعارف عليها في مثل هذه الحالات، ما انعكس سلبا على التقاليد المهنية المعروفة في مختلف صحف العالم. وبدأت خلافات ليس لها علاقة بالعمل المؤسسى تطفو على السطح، منها على سبيل المثال ترتيب كتابة اسماء المحررين ومكان ومساحة نشر التقارير(34).
كما ان الممارسات الصحفية التى سادت ابان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك أثرت بالسلب على الآداء الإعلامي للصحف المملوكة للدولة، حيث كانت أخباره واستقبالاته وأحاديثه وخطبه تتصدر مانشتات الصحف الحكومية. كذلك مارس بعض الصحفيين أدوار ليست مطلوبة منهم للتقرب من السلطة، أو تقديم خدمات تحقق لهم صعودا وظيفيا داخل المؤسسة الحكومية.
أما في الصحافة الخاصة فكانت المصالح الاقتصادية الخاصة لرجال الأعمال حاضرة بقوة، فلم يكن مسموحا في الصحف الخاصة بمناقشة بعض القضايا التي تمس المصالح الاقتصادية لمالك الصحيفة مثل تجارة الأراضي، أو تراخيص المحمول، وكانت مصالح ملاك تلك الصحف هي ما تحدد المحتوى التحريري. كذلك لا يوجد فصل بين الملكية والسياسة التحريرية للقنوات الفضائية الخاصة، وهو ما يؤكده رجل الأعمال أحمد بهجت حين يقول في حوار تلفزيوني "أنا لا اصدق أن هناك مالك لقناة ليس له علاقة بالسياسة التحريرية للقناة"(35)، كذلك المهندس نجيب ساويرس صاحب قنوات "اون تي في" الذي صرح في برنامج تلفزيوني قائلاً بأنه لم يكن يتدخل في السياسة التحريرية للقناة، ولكنه سيضطر للتدخل نظراً للتهديدات التي تتعرض لها مصالحه(36).
كما أن جميع ملاك تلك الفضائيات من رجال أعمال لا يعملون أساسا بالإعلام ويسعون لتحقيق أهدافهم ولكن في نفس الوقت يسعون لتقليل النفقات ورفض أي أفكار متطورة قد تكون مكلفة ماديا، مما يفرز في النهاية برامج رخيصة الإنتاج ومتشابهة في الشكل والمضمون وتعتبر عالميا من أقل البرامج الإعلامية كفاءة وقيمة. وغابت عن الفضائيات أي أشكال جديدة لعرض الواقع بعيدا عن الأساليب النمطية التقليدية(37).
كذلك أدى إنشاء منطقة حرة استثمارية تجمع القنوات الفضائية لإخضاع الخدمات التلفزيونية الصادرة منها إلي منطق الاستثمار السلعي المباشر، وعدم خضوعها للقوانين المصرية على نحو مباشر إلا فيما يخص ما يتم تصديره إلي مصر وهو ما لا يمكن ضبطه فعليا، الأمر الذي يجعل اغلب قواعد الرقابة والضبط غير قابلة للتنفيذ، وصار المخرج القانوني الوحيد للرقابة والضبط هو الإخلال بقواعد التعاقد الاستثماري(38).
في نوفمبر عام 2001 بدأ بث أول شبكة فضائية تلفزيونية خاصة في مصر وهي شبكة دريم، وكان الهدف الأساسي من إطلاق القناة هدفًا تجارياً بحتاً، حيث أن المجموعة الإقتصادية المالكة لها كانت تنفق على الإعلانات 38 مليون جنيه سنوياً، ما جعلها تفكر في إطلاق قناة فضائية لإذاعة الإعلانات الخاصة بشركاتها(32).
وكشف تقرير صادر عن وزارة الاستثمار المصرية حول الشركات التي تبث قنوات فضائية في مصر إن عدد الشركات التي تم إشهارها بداية من 2001 وحتى ديسمبر 2010 بلغ 40 شركة قامت ببث 69 قناة فضائية متنوعة، وان عدد الشركات التي تم إشهارها خلال ثلاثة أشهر فقط بداية من مارس 2011 وحتى مايو من نفس العام بلغ 16 شركة تبث 22 قناة فضائية(33).
4. تأثير الملكية على الآداء الإعلامي
يختلف تأثير الملكية على الآداء الإعلامي تبعا للجهة المالكة، والسياسات التى تمارسها، ففي الصحافة المملوكة للدولة انعكست البيروقراطية الشديدة التي يعاني منها الجهاز الإداري للدولة على الآداء الإعلامي، ولاسيما فيما يتعلق بالترقي داخل المؤسسات الصحفية، كما ان عملية اختيار رؤساء تحرير الصحف خضعت لمعايير أخري غير المتعارف عليها في مثل هذه الحالات، ما انعكس سلبا على التقاليد المهنية المعروفة في مختلف صحف العالم. وبدأت خلافات ليس لها علاقة بالعمل المؤسسى تطفو على السطح، منها على سبيل المثال ترتيب كتابة اسماء المحررين ومكان ومساحة نشر التقارير(34).
كما ان الممارسات الصحفية التى سادت ابان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك أثرت بالسلب على الآداء الإعلامي للصحف المملوكة للدولة، حيث كانت أخباره واستقبالاته وأحاديثه وخطبه تتصدر مانشتات الصحف الحكومية. كذلك مارس بعض الصحفيين أدوار ليست مطلوبة منهم للتقرب من السلطة، أو تقديم خدمات تحقق لهم صعودا وظيفيا داخل المؤسسة الحكومية.
أما في الصحافة الخاصة فكانت المصالح الاقتصادية الخاصة لرجال الأعمال حاضرة بقوة، فلم يكن مسموحا في الصحف الخاصة بمناقشة بعض القضايا التي تمس المصالح الاقتصادية لمالك الصحيفة مثل تجارة الأراضي، أو تراخيص المحمول، وكانت مصالح ملاك تلك الصحف هي ما تحدد المحتوى التحريري. كذلك لا يوجد فصل بين الملكية والسياسة التحريرية للقنوات الفضائية الخاصة، وهو ما يؤكده رجل الأعمال أحمد بهجت حين يقول في حوار تلفزيوني "أنا لا اصدق أن هناك مالك لقناة ليس له علاقة بالسياسة التحريرية للقناة"(35)، كذلك المهندس نجيب ساويرس صاحب قنوات "اون تي في" الذي صرح في برنامج تلفزيوني قائلاً بأنه لم يكن يتدخل في السياسة التحريرية للقناة، ولكنه سيضطر للتدخل نظراً للتهديدات التي تتعرض لها مصالحه(36).
كما أن جميع ملاك تلك الفضائيات من رجال أعمال لا يعملون أساسا بالإعلام ويسعون لتحقيق أهدافهم ولكن في نفس الوقت يسعون لتقليل النفقات ورفض أي أفكار متطورة قد تكون مكلفة ماديا، مما يفرز في النهاية برامج رخيصة الإنتاج ومتشابهة في الشكل والمضمون وتعتبر عالميا من أقل البرامج الإعلامية كفاءة وقيمة. وغابت عن الفضائيات أي أشكال جديدة لعرض الواقع بعيدا عن الأساليب النمطية التقليدية(37).
كذلك أدى إنشاء منطقة حرة استثمارية تجمع القنوات الفضائية لإخضاع الخدمات التلفزيونية الصادرة منها إلي منطق الاستثمار السلعي المباشر، وعدم خضوعها للقوانين المصرية على نحو مباشر إلا فيما يخص ما يتم تصديره إلي مصر وهو ما لا يمكن ضبطه فعليا، الأمر الذي يجعل اغلب قواعد الرقابة والضبط غير قابلة للتنفيذ، وصار المخرج القانوني الوحيد للرقابة والضبط هو الإخلال بقواعد التعاقد الاستثماري(38).
خاتمـــة
هناك شبه إجماع من الصحفيين العاملين في المؤسسات القومية والإعلاميين العاملين في اتحاد الإذاعة والتلفزيون على ضرورة إبقاء الدولة على ملكيتها لهذه الوسائل، ففي دراسة ميدانية أجريت بعد ثورة 25 يناير حول اتجاهات الإعلاميين المصريين نحو إعادة هيكلة إعلام الدولة. اتفق63% من الصحفيين العاملين بالمؤسسات القومية (العينة المبحوثة) على ضرورة إبقاء الدولة على ملكيتها للصحف القومية، البعض اختار نمط الخدمة العامة بنسبة 43% في حين اختار 20% استمرار ملكية الدولة للمؤسسات مع إعادة هيكلتها. ويمكن أن نرجع رغبة العاملين في الصحف القومية في حفاظ الدولة على ملكيتها لهذه المؤسسات الي الخوف من أن عدم استمرار ملكية الدولة قد يؤدي الي تشريدهم والاستغناء عنهم تحت مسميات كثيرة، خاصة اولئك الذين يعملون في مؤسسات خاسرة ويتلقون رواتبهم شهرياً من المجلس الأعلى للصحافة.
لم يختلف الأمر بالنسبة للعاملين في اتحاد الاذاعة والتلفزيون، حيث اتفق66% من الاعلاميين(العينة المبحوثة) على ضرورة ابقاء الدولة على ملكيتها للاتحاد، وجاء في المرتبة الأولى نمط الخدمة العامة الشبيه بمؤسسة BBC البريطانية بنسبة 42% ، وأكد الإعلاميون أن كثير من اللوائح الخاصة باتحاد الإذاعة والتلفزيون مستقاه من هيئة الإذاعة البريطانية،الا أن تشوهات كثيرة قد أدخلت عليها بسبب ما عاناه المبنى من خلل إداري طوال السنوات قبل الثورة، وجاء الخيار الثاني لإعلامي العينة استمرار ملكية الدولة مع إعادة هيكلتها بنسبة24%، وفي المرتبة الثالثة جاء خيار تحويلها الي شركات مساهمة بنسبة 18%(39).
ويتفق خبراء الإعلام مع الصحفيين والإعلاميين العاملين بالاعلام المملوك للدولة على ضرورة تحويل الإعلام الحكومي إلي نمط الخدمة العامة (40) للاعتبارات الاتية:
- هناك دول متقدمة كثيرة تعرف نمط وسائل الاعلام المملوكة للمجموع العام، والممولة من دافعي الضرائب، والمدارة بواسطة الدولة وليس الحكومة، والتي تؤدي خدمة عامة للجمهور ويمكنها أن تسد احتياجاته، وتراعي اولوياته، من دون اعتبارات ربحية، أو أجندات خاصة، أو أنماط أداء منحازة لبعض القوى السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية على حساب القوى الأخرى.
- حجم الاستثمار المجتمعي في إنشاء وتطوير وسائل الاعلام التابعة للدولة كبير، وطرح تلك الوسائل للخصخصة أو أنماط تملك أخرى في ذلك التوقيت سيمثل إهدار لها، لأنها ستطرح للبيع في وقت تبدو فيه فاقدة للاتجاه والمصداقية، وغارقة في الفساد، وبالتالي ستنخفض قيمتها السوقية مقارنه بقيمة اصولها بما يمثل هدرا للمال العام.
- تبدو الدولة المصرية في مرحلة إعادة بناء بعد الثورة وهي تريد تطوير أنساق سياسية، واجتماعية، واقتصادية رشيدة تتسق مع المطالب الثورية المتعلقة بالإنتقال الديمقراطي، والقضاء على الفساد والإستبداد، واختلاط المال بالحكم، ولذلك فإن تلك الفترة تحتاج الي إمتلاك الدولة منظومة إعلامية يمكنها أن تؤطر أهدافها وتنقلها للمجموع العام.
- ما زالت بعض عناصر منظومة الإعلام الخاص تفرط احيانا في انتهاك القواعد المهنية، وتستخدم كأدوات مباشرة لمصالح سياسية ومالية، وثمة مؤشرات إلي دخول مال سياسي إلي الاستثمار في مشروعات إعلامية في فترة ما بعد الثورة بعضه وافد من الخارج.
- ادى الإنكشاف الإعلامي الذي تعرضت له مصر أثناء الثورة، وما بعدها إلي زيادة تمركز بعض الوسائل الإعلامية العربية والأجنبية الناطقة باللغة العربية في الواقع المصري، وبعض الوسائل يمتلك اجندات خاصة ربما لا تتسق مع المصالح الوطنية المصرية. وقد يعجز الإعلام المصري الخاص في ذلك التوقيت بسبب حداثة عهده النسبية، واجنداته الخارجية، وارتباطه بمفهمو الربحية، وصعوبة حشد موارد ضخمة من خلاله لإطلاق خدمات إخبارية منافسة، وتوفير المظلة الإعلامية الوطنية التي تلبي أولويات الجمهور.
وفيما يتعلق بالاعلام الخاص، لكي نضمن مستقبل أفضل له في مصر يمكن النظر في إعادة تنظيم ملكية الوسائل الإعلامية الخاصة عبر الاجراءات الاتية:
- إصدار تشريعات قانونية تنظم الملكية التعاونية لوسائل الإعلام وتوعية الناس بضرورة الإكتتاب في شراء اسهم في قنوات وصحف تعاونية لا تكون مملوكة لشخص، او مجموعة محدودة من الاشخاص.
- ضرورة تشجيع رجال الأعمال على الإستثمار في تلك الصناعة، في ظل وجود قانون ينظم قواعد الشفافية والإفصاح، ويرسي قواعد للفصل بين الإدارة والتحرير، ويقيد دور راس المال في التدخل في السياسة التحريرية.
- العمل على كسر إحتكار رجال الأعمال للإعلام الخاص، عبر وضع قواعد قانونية تهدف إلى منع احتكار ملكية وسائل الإعلام و "منع دخول شركات متعددة الجنسيات لمجال الإعلام المحلي، وخفض السقف المسموح به لعمليات الشراء للحد من تركز الملكية، ومنع بعض الشركات الكبرى المسيطرة على أنشطة إقتصادية بعينها من التوغل في مجال الإعلام"(41).
- منع الاحتكار لا يتوقف فحسب على تقليص سطوة أو هيمنة الملاك، ولكنه يتطلب أيضاً الحد من هيمنة فئة قليلة من الصحفيين القائمين على صياغة محتوى تلك القنوات(42).
- حظر امتلاك الأحزاب للقنوات التلفزيونية والإكتفاء بالصحف للتعبير عنهم، فجميع النظم السياسية في العالم -عدا بعض الدول العربية- لا تجيز امتلاك الأحزاب السياسية لقنوات تلفزيونية (43).
- الحرص على استقلال المجلس الوطني للإعلام الذي ورد النص عليه في الدستور الجديد، وتأكيد ذلك في القانون عبر نصوص تؤكد استقلاليته، وتحقيق توازن في تشكيل المجلس بتمثيل القوى السياسية من ناحية ومؤسسات المجتمع المدني وجماعات الضغط من ناحية أخرى.
- ارساء مبدأ الشفافية فيما يتعلق بإصدار التراخيص او المعلومات الخاصة بالملكية، وإتاحة تلك المعلومات للجمهور.
قائمة مراجع :
20. لمزيد من التفاصيل راجع
-عبد اللطيف حمزة. قصة الصحافة العربية في مصر منذ نشأتها الي منتصف القرن العشرين،دار الفكر العربي، القاهرة ،1985.
-محمد سيد محمد. اقتصاديات الإعلام:المؤسسة الصحفية، دار الفكر العربي، القاهرة، بدون تاريخ.
-أسامة أيوب، الصحف القومية من الاتحاد الاشتراكي لمجلس الشورى،موقع مصرس،15-1-2012، الرابط: http://www.masress.com/october/123471
21. أوراق عمل مؤتمر الإعلام المرئي والمسموع في مصر:رؤى مستقبلية،مرجع سابق.
22. قانون تنظيم الصحافة،رقم 96لسنة1996، الرابط http://www.sanadnet.net/topic.php?newsid=252
23. قانون اتحاد الإذاعة والتلفزيون رقم (13) لسنة 1979 وتعديلاته بالقانون رقم 223 لسنة 1989، الرابط: http://www.ug-law.com
24. قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997، الرابط: http://www.mohamoon.com/montada/Default.aspx?action=ArabicLaw&ID=23
25. قانون الاتصالات المصري رقم (10) لسنة2003، الرابط: http://right2know.afteegypt.org/index.php?newsid=32
26. بيان احصائي من المجلس الأعلى للصحافة بعدد الصحف القومية في مصر،2013.
27. إيناس أبو يوسف، اتجاهات الإعلاميين المصريين نحو إعادة هيكلة إعلام الدولة بعد ثورة 25 يناير،المجلة المصرية لبحوث الرأي العام،مجلة علمية محكمة، كلية الإعلام،جامعة القاهرة،العدد الأول،يناير-مارس 2012.
28. تقرير اليونسكو الصادر(يناير 2013) بعنوان تقييم كلي: تطوير قطاع الإعلام في جمهورية مصر العربية، متاح على الرابط: http://sitcegypt.org/?p=1132
29.المرجع السابق.
30. أوراق عمل مؤتمر الإعلام المرئي والمسموع في مصر: رؤى مستقبلية،مرجع سابق.
31. إيناس أبو يوسف،مرجع سابق.
32. حوار تلفزيوني مع الإعلامي خيري رمضان وياسر عبد العزيزعرض على قناة CBC المصرية، 22/نوفمبر/2013.
33.محمد ناصر، مرجع سابق.
34.عمرو الشوبكي، مرجع سابق.
35. حوار تلفزيوني مع الإعلامي خيري رمضان، مرجع سابق.
36. حوار تلفزيوني مع الإعلامية لميس الحديدي على قناة CBC المصرية،29/اكتوبر/2011 .
37. محمد ناصر، مرجع سابق.
38.احمد سمير حماد، هيكلة الخدمات التلفزيونية المصرية : طرح لمنظومة عمل المجلس الوطني للإعلام، المؤتمر الأول لمستقبل الإعلام في مصر، القاهرة ، ديسمبر2012.
39. إيناس أبو يوسف، مرجع سابق.
40. ياسر عبد العزيز، مرجع سابق.
41. داليا شمس،العلاقة بين الدولة والميديا .. نحو ملكية مجتمعية للمؤسسات الإعلامية، أعمال ندوة عقدها منتدى البدائل العربي للدراسات بالمشاركة مع برنامج تنمية الجهود الذاتية التابع للوكالة الكندية للتنمية الدولية في 16 نوفمبر 2011، على الرابط : http://www.afaegypt.org/index.php?option=com_k2&view=item&id=110
43. إيناس أبو يوسف، مرجع سابق.
التعليقات على الموضوع